سورة سبأ - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25)}
{قُل لاَّ تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} هذا أبلغ في الإنصاف حيث عبر عن الهفوات التي لا يخلو عنها مؤمن بما يعبر به عن العظائم وأسند إلى النفس وعن العظائم من الكفر ونحوه بما يعبر به عن الهفوات وأسند للمخاطبين وزيادة على ذلك أنه ذكر الإجرام المنسوب إلى النفس بصيغة الماضي الدالة على التحقق وعن العمل المنسوب إلى الخصم بصيغة المضارع التي لا تدل على ذلك، وذكر أن في الآية تعريضًا وأنه لا يضر بما ذكر، وزعم بعضهم أنها من باب المتاركة وأنها منسوخة بآية السيف.


{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)}
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا} يوم القيامة عند الحشر والحساب {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق} يقضي سبحانه بيننا ويفصل بعد ظهور رحال كل مناو منكم بالعدل بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار {وَهُوَ الفتاح} القاضي في القضايا المنغلقة فكيف بالواضحة كابطال الشرك وإحقاق التوحيد أو القاضي في كل قضية خفية كانت أو واضحة؛ والمبالغة على الأول في الكيف وعلى الثاني في الكم، ولعل الوجه الأول أولى، وفيه إشارة إلى وجه تسمية فصل الخصومات فتحا وانه في الأصل لتشبيه ما حكم فيه بأمر منغلق كما يشبه بأمر منعقد في قولهم: حلال المشكلات، وقرأ عيسى {الفاتح} {السميع العليم} بما ينبغي أن يقضي به أو بكل شيء.


{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
{قُلْ أَرُونِىَ الذين أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاء} استفسار عن شبهتهم بعد الزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم، وأرى على ما استظهره أبو حيان عنى أعلم فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ياء المتكلم والموصول و{شركا} وعائد الموصول محذوف أي ألحقتموهم، والمراد اعلموني بالحجة والدليل كيف وجه الشركة، وجوز كون رأى بصرية تعدت بالنقل لاثنين ياء المتكلم والموصول و{للَّهِ شُرَكَاء} حال من ضمير الموصول المحذوف أي ألحقتموهم متوهمًا شركتهم أو مفعول ثان لألحق لتضمينه معنى الجعل أو التسمية، والمراد أرونيهم لأنظر بأي صفة ألحقتموهم بالله عز وجل الذي ليس كمثله شيء في استحقاق العبادة أو ألحقتموهم به سبحانه جاعليهم أو مسميهم شركاء، والغرض إظهار خطئهم العظيم.
وقال بعض الأجلة: لم يرد من {أَرُونِىَ} حقيقته لأنه صلى الله عليه وسلم كان يراهم ويعلمهم فهو مجاز وتمثيل، والمعنى ما زعمتموه شريكًا إذا برز للعيون وهو خشب وحجر تمت فضيحتكم، وهذا كما تقول للرجل الخسيس الأصل اذكر لي أباك الذي قايست به فلانًا الشريف ولا تريد حقيقة الذكر وإنما تريد تبكيته وانه إن ذكر أباه افتضح.
{كَلاَّ} ردع لهم عن زعم الشركة بعد ما كسره بالإبطال كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام {أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} [الأنبياء: 67] بعد ما حج قومه {بَلِ الله العزيز} أي الموصوف بالغلبة القاهرة المستدعية لوجوب الوجود {الحكيم} الموصوف بالحكمة الباهرة المستدعية للعلم المحيط بالأشياء، وهؤلاء الملحقون عن الاتصاف بذلك في معزل وعن الحوم حول ما يقتضيه بألف ألف منزل، والضمير اما عائد لما في الذهن وما بعده وهو الله الواقع خبرًا له يفسره و{العزيز الحكيم} صفتان للاسم الجليل أو عائد لربنا في قوله سبحانه: {يفتح بيننا بالحق} [سبأ: 26] على ما قيل أو هو ضمير الشأن و{الله} مبتدأ و{العزيز الحكيم} خبره والجملة خبر ضمير الشأن لأن خبره لا يكون إلا جملة على الصحيح.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12